أعلنت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، بالتعاون مع وزارة الداخلية والمكتب الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن اختتام البرنامج التدريبي الشامل لدولة الإمارات الذي استمر لتسعة أشهر، والذي يهدف إلى بناء قدرات وطنية متميزة في مجال حقوق الإنسان وتأهيل جيل جديد من الخبراء في مختلف المؤسسات الحكومية.
أُطلق البرنامج في ديسمبر 2024، وجمع بين 46 ممثلاً من وزارات وجهات ومؤسسات حكومية متنوعة، كان لكلٍّ منهم دور فاعل في دعم أطر حقوق الإنسان وتطويرها ضمن مجالات عملهم المختلفة. وخلال مراحل البرنامج، خاض المشاركون تجربة متكاملة تضمنت وحدات تثقيفية مكثفة، وورش عمل فنية، ودراسات حالة تطبيقية تناولت الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، والتشريعات الوطنية، وأفضل الممارسات في مجالي التنفيذ والمتابعة.
يُعدّ هذا البرنامج محطة بارزة في إطار استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة الأشمل لتعزيز البنية التحتية لحقوق الإنسان في الدولة. وقد عكست الجهود التي بذلها المشاركون، والذين يمثلون 11 جهة حكومية من بينها وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة العدل، والاتحاد النسائي العام، ووزارة الصحة، وعدد من المؤسسات الوطنية الأخرى، مدى التزام دولة الإمارات بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في منظومة الحوكمة والخدمة العامة.
وأكد العقيد الدكتور محمد خليفة الحمودي نائب مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية أننا اليوم نشهد احتفالية تخريج نخبة متميزة من الكادر الوطني المتخصص في مجال حقوق الإنسان ضمن إطار التعاون والشراكة بين وزارة الداخلية واللجنة الدائمة لحقوق الإنسان في الدولة والمكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، في تجسيدٍ عملي لرؤية قيادتنا الرشيدة ، وتوجهات الحكومة في تعزيز كرامة الإنسان، وصون الحقوق، ونشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان.
وقال أننا في وزارة الداخلية ، نُدرك تماماً أن الأمن والكرامة الإنسانية وجهان لعملةٍ واحدة، وأن احترام حقوق الإنسان هو جزءٌ لا يتجزأ من منظومة الأمن الشامل وأن هذا الإنجاز الذي نحتفي به اليوم ، هو محطةٌ مهمة في مسارٍ وطني حيوي ، يجعل من حماية حقوق الإنسان مسؤولية جماعية، تبدأ بالتأهيل والتدريب، وتُترجم عبر السياسات والممارسات على أرض الواقع، حيث جاء هذا البرنامج ليعزز دعم جهود حماية المجتمع ، وقدرات العاملين وتطوير الأداء، ويرسخ الوعي حول مفاهيم حقوق الإنسان وأهمية تبنيها، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات وأهدافها الإستراتيجية.
ووجه كلمة للخريجين والخريجات حيث قال أنتم اليوم تمثلون واجهة مشرقة لهذا التوجه، وقد حصلتم على التأهيل العلمي والمعرفي الذي يُمكّنكم من أداء الرسالة بكل كفاءة واقتدار، ونحن نُعوّل عليكم في أن تكونوا سفراء ومُمثلين صادقين لمؤسساتكم في الالتزام، والوعي، والتفاعل الإيجابي مع ملفات حقوق الإنسان ،وتوجه بالشكر الجزيل لكافة الجهات المشاركة في إنجاح ودعم هذا البرنامج التدريبي، من الرعاة والمشرفين والمنظمين .
قالت هند العويس، مديرة اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان: "إن تعزيز حقوق الانسان ليس مجرد ضرورة قانونية أو سياسية فقط بل هو واجب إنساني وواجب أساسي في عملية التقدّم والتنمية ومحورٌ رئيسي في بناء مجتمعات تتسم بالعدالة والإنصاف والقدرة على التكيف.
وهذه كانت رؤية الدولة منذ تأسيسها إن هذا البرنامج يتجاوز تنمية المهارات بل يُشكّل حَجَر الأساس للإعِمال الكامل لحقوق الإنسان ومسؤولية مشتركة تتخطى حدود القطاعات والمؤسسات ويُجَسِّد أيضًا التزامنا بمواءمَة الجهود الوطنية مع الاتفاقيات الدولية. نعتز في اللجنة الدائمة لحقوق الانسان بشركائنا في البرنامج التدريبي ونثمن دورهم الفاعل في تعزيز أثره باعتبارهم جزءًا أصيلًا من رؤية وطنية تؤمن بأن حماية الحقوق مسؤولية تشاركية."
وأكدت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان أن هذه الدفعة ما هي إلا بداية لمسار استراتيجي طويل الأمد يهدف إلى ترسيخ الآليات الوطنية لحقوق الإنسان وبناء منظومة مؤسسية تتميز بالكفاءة والتميز في هذا المجال.
صرّح مازن شقورة الممثل الإقليمي لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قائلاً: "نفخر اليوم بتخريج هذه المجموعة من المهنيين والمهنيّات الذين أظهروا التزامًا حقيقيًا بتعزيز حقوق الإنسان من خلال المؤسسات الرسمية ويُعد هذا البرنامج نموذجًا فعّالًا لقيمة الحوار المتواصل والتعاون الفني. ونتطلع إلى استمرار الشراكة مع اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان وتعزيز شراكات جديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل دعم بناء القدرات الوطنية وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في السياسات والممارسات."
وقد احتفلت مراسم الختام بإنجازات الخريجين، مجددةً رؤية دولة الإمارات لمستقبل تُدمج فيه حقوق الإنسان في السياسات العامة. هؤلاء الخبراء المدربون حديثًا أصبحوا اليوم مؤهلين للنهوض بالتزامات الدولة نحو المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والمساهمة في إعداد التقارير الوطنية، ودعم صنع السياسات القائمة على النهج الحقوقي.
وتُجسّد هذه المبادرة التدريبية التزام دولة الإمارات المستمر ببناء منظومة متكاملة وقادرة على الاستجابة لتحديات حقوق الإنسان، وذلك من خلال التعليم، والتعاون، والتمكين المؤسسي. ولم تكتفِ الوزارات المشاركة بترشيح ممثليها، بل قدّمت أيضًا دعمًا فعّالًا لمسيرتهم التدريبية، تأكيدًا على تبني نهج حكومي شامل في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.