استضافت وزارة الداخلية بدولة الإمارات العربية المتحدة أمس، فعاليات ورشة إعداد الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات (2028-2025)، والتي تنظمها الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، خلال الفترة الممتدة من (16-19) سبتمبر الجاري، بأبراج الاتحاد في أبوظبي، بهدف تعزيز التعاون وتوحيد الجهود الدولية، وترسيخ العمل التكاملي الموحد في مجال مكافحة المخدرات لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
حضر الورشة معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعادة اللواء خليفة حارب الخييلي، وكيل وزارة الداخلية، وسعادة القاضي د. حاتم علي، الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، وسعادة العميد حمد عجلان مسفر العميمي، الأمين العام المساعد للشؤون الأمنية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وسعادة العميد مبارك سعيد الخييلي، رئيس جهاز الشرطة الخليجية، وبمشاركة من ممثلي الجهات المعنية بمكافحة المخدرات في دول مجلس التعاون، ومستشارين من الأمم المتحدة، ونخبة من الخبراء والمختصين.
بدأت فعاليات الورشة بكلمة معالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، معرباً فيها عن شكره وتقديره لدولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة هذا الحدث المهم على المستوى الخليجي، ومشيداً بحرص جميع المعنيين في إعداد الإستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة المخدرات، والتي تأتي في إطار تنفيذ قرارات الاجتماع الأربعين لأصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المنعقد في العاصمة العمانية مسقط، بتاريخ (8) نوفمبر (2023)، وأضاف: "إن وجودنا اليوم يعكس التزامنا المشترك على المستويين الإقليمي والدولي بمعالجة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا، وهي ظاهرة تهريب المخدرات وآثارها المدمرة، تأتي هذه الورشة في وقتٍ حرج، حيث تسعى دول الخليج إلى توحيد الجهود لمواجهة خطر المخدرات الذي لا يقتصر تأثيره على الأفراد فقط، بل يمتد ليشمل الأسرة والمجتمع بأسره، إن المخدرات تمثل تهديدًا ليس فقط للأمن الصحي والاجتماعي، بل تعد أيضًا من أبرز العوامل المؤثرة على الاستقرار الاقتصادي والسياسي، كما تمثل خطوة متقدمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة ظاهرة تهريب المخدرات التي تستهدف بشكل خاص شبابنا وتُعرض مجتمعاتنا لمخاطر جسيمة".
وقال البديوي: "إن المخدرات ليست مجرد مشكلة فردية، بل هي أزمة مجتمعية تتطلب منا جميعاً الوقوف جنباً إلى جنب لتوحيد الجهود والخطط، فالأثر المدمر للإدمان لا يعاني منه المدمن فحسب، بل يهدد الأسر ويعكر صفو المجتمع بأسره، لذا فإن إعداد الإستراتيجية الخليجية الموحدة لمكافحة المخدرات ومناقشة آثار الإدمان هو مسؤولية جماعية نطمح من خلالها إلى حماية شبابنا ودرء المخاطر التي تهددهم، علاوة على أن الإستراتيجية تتضمن معالجة آثار إدمان المخدرات من خلال عدة محاور رئيسة تشمل التوعية والعلاج، وإعادة التأهيل، وفي هذا السياق، تأتي أهمية دور الجهات ذات الاختصاص مثل الجامعات ومراكز الأبحاث، التي تعد ركناً أساسياً في تنفيذ هذه الإستراتيجية، فالتوعية تعزز الوعي المجتمعي بالمخاطر، بينما يسهم العلاج وإعادة التأهيل في إعادة دمج الأفراد في المجتمع بشكل فعال".
كما نوه معاليه بأن التعاون بين دول مجلس التعاون يعد حجر الزاوية في نجاح هذه الجهود؛ فكل دولة تمتلك تجاربها وابتكاراتها التي يمكن أن تثمر عن حلول جديدة وفعالة تعزز من الجهود المشتركة، وأن هذا اللقاء يعد منصة لتبادل الأفكار والرؤى، وأن العمل الجماعي يسهم في بناء إستراتيجيات عملية تؤتي ثمارها في المستقبل القريب.
فيما أعرب سعادة اللواء خليفة حارب الخييلي، وكيل وزارة الداخلية، ترحيبه بالحضور في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسعادته بإعداد إستراتيجية خليجية موحدة تتواكب مع تطلعات قيادات المنطقة، وتضمن أمن واستقرار المجتمعات.
وقال الخييلي: " تحرص وزارة الداخلية في دولة الإمارات على تبني أفضل الممارسات الأمنية في سبيل القضاء على هذه الآفة المجتمعية، والتي باتت تشكل خطراً جسيماً يهدد الأمن، ويُؤرق الاستقرار في المجتمعات، كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة ووفقاً للرؤية الثاقبة من القيادة الرشيدة تبذل جهوداً حثيثة وواضحة في مجالات الوقاية من مخاطر المخدرات، وذلك من خلال سياسات وإجراءات ومبادرات ريادية مستخدمةً أفضل الوسائل والتطبيقات والتقنيات الحديثة، فضلاً عن منظومة عمل تكاملية، وإجراءات استباقية يعززها القانون، وحرصٌ والتزامٌ بالمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية عبر علاقاتها الطيبة مع كافة دول العالم".
مضيفاً بأن هذه الورشة التفاعلية مهمة في الوصول إلى إطار إستراتيجي موحد لقيادة الجهود المتكاملة في التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في سبيل مكافحة المخدرات والوقاية منها، وذلك من خلال متابعة تطوير التشريعيات الفعالة، وتبادل المعلومات والخبرات العملية، وتطبيق أفضل الممارسات الدولية للحد من انتشار هذه الظاهرة السلبية، لمجتمعات أكثر أمناً وسلامة.
فيما تحدث سعادة القاضي د. حاتم علي، الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، عن سعادته بالمشاركة في فعاليات إعداد الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات، ناقلاً تحيات معالي السيدة غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما قدم شكره وتقديره لسعادة الأمين العام، وللشريك الإستراتيجي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي بمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي -وزارة الداخلية- بدولة الامارات العربية المتحدة على التعاون الوثيق، واستضافة المكتب على مدار العقد السابق، بالإضافة إلى استضافة هذا المحفل الإستراتيجي.
وقال الدكتور حاتم: "يعد هذا الحدث الأول من نوعه إقليمياً، وهو تكليل للجهود الحثيثة المبذولة من دول مجلس التعاون الخليجي في مجال مكافحة المخدرات، الآفة التي ما زال شبابنا وحتى أطفالنا يعاني منها بالمنطقة وعلى مستوى العالم أجمع، وها نحن نحصد الثمار التي غرسناها بالشراكة مع مختلف دول مجلس التعاون الخليجي من بناء القدرات الوطنية وتوفير المساعدة الفنية في مجال منع ومكافحة المخدرات، وسنوحد الجهود، ونسخر الخبرات الإقليمية والدولية للخروج بأول إستراتيجية خليجية لمكافحة المخدرات".
وأضاف: "إن هذا الاهتمام الضخم والرفيع المستوى من جميع القادة بالمنطقة هو انعكاس لإرادة خليجية حقيقية للتصدي بشكل فعال للمخدرات، وبصفتنا مكتباً معنياً بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، نتعهد بتسخير كافة خبراتنا العملية، وأدواتنا العلمية لدعم ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي للخروج بنص أولي للإستراتيجية بما يتماشى مع المعايير والقواعد الأممية وأفضل الممارسات الدولية، وبما يتوافق مع السياق الوطني لكل دولة خليجية وكذا الخصائص والتحديات الإقليمية المشتركة، وتقديم الدعم الفني لصياغة الإستراتيجيات والسياسات الإقليمية اللازمة، وبناء القدرات الخليجية في الوقاية والمكافحة بمعايير دولية للعمل على تنفيذ الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات".
هذا، وقد بدأت فعاليات الورشة بالجلسة الأولى، والتي تناولت الأطر والمعايير الدولية والإقليمية لمواجهة مشكلة المخدرات (منظومتي الأمم المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي)، فتناول المحور الأول: الاتفاقيات الدولية والإعلانات الوزارية والأطر السياسية الموجهة لجهود مكافحة المخدرات دولياً وإقليمياً، فيما تناول المحور الثاني منظومة عمل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن المواجهة الفعالة لمشكلة المخدرات.
فيما تطرقت الجلسة الثانية، والتي تناولت أسواق المخدرات واتجاهاتها وتطورات السياسات وإستراتيجيات المواجهة، محور: نقاط الاهتمام الخاصة والقضايا المعاصرة بشأن المخدرات كما يعكسها التقرير الأخير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (2024)، ومحور الأوضاع العامة لمشكلة المخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي، ومحور التأصيل العلمي لبناء إستراتيجيات مكافحة المخدرات، ومحور بناء وتطوير إستراتيجيات مكافحة المخدرات وفقاً لمعايير الأمم المتحدة.
أعمال اليوم الثاني لورشة "إعداد الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات"
وتواصلت صباح اليوم أعمال ورشة إعداد الإستراتيجية الخليجية لمكافحة المخدرات (2025 - 2028) لليوم الثاني على التوالي، وافتتحت الورشة بالجلسة العامة التي تناولت أهداف ورشة العمل الراهنة ونتائجها المتوقعة ومنهجية عملها والأهداف الإستراتيجية العامة والمحاور الفرعية للإستراتيجية.
كما شهدت الفعاليات انعقاد (6) جلسات قدمها خبراء من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث تناولت الجلسة الأولى التي قدمها الدكتور عبدالسلام شرف، خبير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كيفية الرصد الخاص بمشكلة المخدرات جانبي العرض والطلب عن طريق إجراء المسوح الدورية والدراسات والبحوث الخاصة، بالإضافة إلى اقتراح آليات وخطط لبناء القدرات وإعداد الكوادر العالمية في مجال مواجهة ظاهرة المخدرات.
فيما تناولت الجلسة الثانية التي قدمها الخبيران الدكتور عمرو عثمان، والدكتور وديع معلوف، من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، محور خفض الطلب والمعايير الدولية للوقاية من المخدرات وعلاج الإدمان. أما الجلسة الثالثة فقد تناولت محور تقليل فرص عرض المخدرات ومكافحتها ميدانياً وتبادل المعلومات، وقدمها الدكتور إبراهيم الدبل، والسيد إيمريك سالامون، خبيرا مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وتضمنت الجلسة الرابعة التي قدمها تيري راتسون، خبير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، محور تجفيف المنابع والتنمية البديلة وتعريف المشاركين بفلسفة مفاهيم التنمية البديلة كآلية لمواجهة مشكلة المخدرات، وجهود الوقاية والعلاج، واقتراح الأولويات الإستراتيجية والتدابير التنفيذية لمشروعات التنمية البديلة، والتي تهدف إلى تجفيف منابع المخدرات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.
وفي الجلسة الخامسة التي قدمتها الأستاذة محاسن مرسل، خبير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تناولت موضوع مكافحة غسل الأموال الناتج عن الاتجار غير المشروع للمخدرات، حيث تم تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين هذه الظاهرة والتجارة غير المشروعة، وأوضحت الأستاذة مرسل خلال الجلسة؛ بأن غسل الأموال أصبح أداة أساسية يستخدمها تجار المخدرات لإضفاء الشرعية على الأموال المكتسبة بطرق غير قانونية، مما يعزز من استمرارية أنشطتهم الإجرامية، وقد سعت الجلسة إلى الوصول إلى مبادرات فعَّالة لمكافحة غسل الأموال، مما يساهم في تقويض هذه الأنشطة غير المشروعة ويعزز من الأمن المالي والاجتماعي.
وفي الجلسة السادسة قدم القاضي علي يونس، خبير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، عرضاً شاملاً للمتطلبات القانونية الإلزامية للاتفاقيات الدولية المعنية بمراقبة المخدرات، بهدف إدماجها في الإستراتيجية الخليجية المزمع صياغتها، وتشمل البنية التحتية المؤسسية للرقابة المحلية والدولية على المخدرات، وتنظيم التجارة وتقليص الطلب، والعدالة الجنائية المتعلقة بالمخدرات، والتعاون في قطاع العدالة الدولية.