تُعد مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل أطفال أكثر أماناً نموذجاً رائداً للتعاون الدولي بين وزارة الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومعهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة (UNICRI). وتعكس هذه المبادرة الطموحة التزاماً استراتيجياً بتسخير إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز آليات حماية الطفل على مستوى العالم. فمع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف جوانب الحياة، بات الأطفال يواجهون تهديدات متزايدة، سواء في الفضاء الإلكتروني أو في الواقع، تشمل التنمّر الإلكتروني، والاستدراج عبر الإنترنت، والاتجار بالبشر، والعنف الجسدي. ومن هذا المنطلق، أصبح من الضروري تطوير أساليب حديثة وفعالة للاستجابة لتلك التحديات.
وقد أُطلقت هذه المبادرة برؤية موحّدة تهدف إلى تعزيز سلامة الأطفال ورفاههم في العصر الرقمي، وذلك من خلال الجمع بين الخبرات العالمية، والابتكار في السياسات، وأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتطوير حلول عملية وقابلة للتنفيذ على نطاق واسع. وتعمل المبادرة على دعم أجهزة إنفاذ القانون وصنّاع القرار والمعلمين ومزودي التكنولوجيا لبناء استجابة متكاملة ومنسّقة لظواهر استغلال الأطفال. كما توفر المبادرة منصة دولية للتعاون وتبادل المعارف، وتعزز الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي، وتشجّع على تطوير أدوات آمنة وفعالة.
ومن أبرز مكونات هذه المبادرة، المنصة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل أطفال أكثر أماناً، وهي مساحة رقمية تعاونية تجمع بين المتخصصين في حماية الطفل والخبراء التقنيين والجهات المعنية بإنفاذ القانون من مختلف أنحاء العالم. واعتباراً من يناير 2025، تجاوز عدد أعضاء المنصة 1,100 عضو من 120 دولة، ما يعكس اتساع نطاقها وتأثيرها العالمي. كما ساهم أكثر من 50 مزوداً تقنياً في دعم المنصة عبر تقديم أكثر من 90 أداة معتمدة على الذكاء الاصطناعي، تشمل حلولاً متقدمة لرصد محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت، وكشف المواد الضارة، والمساعدة في التعرف على الضحايا.
من خلال هذا التعاون الديناميكي، تعمل وزارة الداخلية وUNICRI جنباً إلى جنب على وضع معايير دولية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال حماية الطفل، مع التركيز على أهمية الاستخدام الأخلاقي والابتكار المسؤول. وتدعم المبادرة أيضاً بناء القدرات من خلال برامج تدريبية وعمليات مشتركة تهدف إلى تعزيز قدرات الجهات المعنية بالحماية، مع التأكيد على أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة لخدمة قوات انفاذ القانون ، ودعماً لمقدمي الرعاية، وتعزيزاً لجهود من يعملون على حماية الطفل.
وتؤكد كلٌ من وزارة الداخلية وUNICRI التزامهما الراسخ بوضع سلامة وكرامة الأطفال في صميم عملهما. فالأطفال هم أعظم ما نملك، وحمايتهم تتطلب نهجاً استباقياً وتعاوناً دولياً مدعوماً بالتقنية الحديثة. وستواصل مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل أطفال أكثر أماناً توسيع أثرها العالمي من خلال تنفيذ برامج تدريبية جديدة، وتعزيز الشراكات العملياتية، وتطوير أدوات مبتكرة للتعامل مع التهديدات المتغيرة.
في عالم يتّسم بتعقيد متزايد، تُجسد هذه المبادرة الأمل والمرونة وقوة الابتكار، وتؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يكون مجرد أداة للتقدّم، بل درعاً يحمي أكثر الفئات ضعفاً بيننا.